بـاسم الإلـه أبدأ الـمقـالا *** فمنه نرجوا العون والأفضلا
وختمها بقوله:
ثم الصلاة والسلام دائــم *** على النبي المصطفى من هاشم
طبعت بشرح العلامة الزاهد أحمد زروق البرنسي (899ت)، وصدر عن دار التراث ناشرون ـ الجزائر/ دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1426هـ ـ2005م، في مجلد، بتحقيق: الدكتور أحسن زقّور.
تنوعت طرق العلماء وأساليبهم في التأليف، تبعا لما تمليه ظروف الزمان والمكان، وما يشهده واقع الناس من تغيرات وتحولات، في المدارك والقدرات.
ومن أهم الأساليب التي نهجها العلماء في هذا الباب النظم التعليمي: إذ لاحظوا قدرة الطلبة في أزمانهم على حفظ النظم واستيعاب مضامينه، فأقبلوا على وضع المنظومات في شتى العلوم والفنون، ومن أشهر المنظومات الفقهية في المذهب المالكي «المقدمة القرطبية»،
وهي منظومة بديعة ضمنها ناظمها أحكام قواعد الإسلام، وما تمس الحاجة إلى معرفته من المسائل الفقهية. ولما لاحظ الشيخ زروق حاجة الطلبة إلى شرح يوضح معانيها، ويفك معضلاتها، وضع شرحا مختصرا عليها، وفي ذلك يقول: «فقد رأيت كثيرا منهم ـ يقصد المتعبدين ـ يحفظون المقدمة القرطبية من غير أن يعرفوا لها معان، ولا وجوه خفية ولا جلية، فظهر لي أن أضع تقييدا مفيدا إن شاء الله، وأذكر فيه ما يكفي المرء في شأنه بفضل الله».
وغَنيُّ عن البيان التنويه بمكانة الشارح الشيخ زروق، فهو الإمام الفقيه، الناسك، الطائر الصيت، صاحب المؤلفات الكثيرة المشتهرة.
وقد تناول الشيخ زروق في شرحه أبيات الأرجوزة حسب ترتيبها الذي يوافق الترتيب المعهود في الكتب الفقهية.
واعتنى فيه بالتعريفات اللغوية والاصطلاحية، والتفريعات، والفوائد، والتنبيهات الفقهية، وغيرها، واستدرك على الناظم، مثل استدراكه في باب التيمم الأحكام المتعلقة بالمسح على الخفين، والجبائر والعصائب، والأحكام المتعلقة بالحيض والنفاس.
وأما منهجه في الشرح فيتميز بالوضوح والانسجام، فعند إيراد الأبيات التي يريد شرحها يستهِلُّها بقوله: «قال الناظم رحمه الله» أو ما شابه ذلك، ثم يشرع في شرحها مميزا كلامه بقوله: «قلت»، كما أنه يعتني أحيانا بشرح تراجم الناظم، وبيان معانيها اللغوية والشرعية.
ومن منهجه فيه إيراد الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد يستشهد بالشعر أيضا، ويعتمد بعض القواعد الأصولية والفقهية.
وبخصوص الحديث النبوي فإنه اعتنى غالبا ببيان درجة الحديث وذكر من خَرَّجه من أصحاب المصنفات الحديثية، ومن أمانته أنه إذا لم يقف على الحديث أو لم يأت به بنصه بيّن ذلك وطلب من القارئ البحث عنه.
وأما أقوال العلماء فالشرح غاية في ذكرها، ونهاية في نسبتها وطريقة سردها، باختصارها تارة، وبالنص على الإجماع والاتفاق على قول منها تارة أخرى، أو بأن أكثر المحدثين على هذا القول، وأقل الفقهاء على ذاك أوالعكس، وقد يحكيها متوسعا في تعدادها مع فرز كل مذهب من مذاهب أصحابها، وبيان المشهور من غيره، وإن كان اختيار من داخل المذهب نسبه، وتضمن هذا الشرح أيضا بالإضافة إلى أقوال علماء المذهب المالكي أقوال غيرهم من المذاهب خاصة المذهبين الحنفي والشافعي، وقد يأتي الشارح بالأقوال على سبيل الإجمال، ويحيل القارئ إلى كتب الفقه عامة، أو يحيله إلى كتاب معين.
وأما المصادر التي اعتمدها زروق في شرحه فيمكن القول إنه رجع إلى جلّ أمهات كتب الفقه المعروفة والمشهورة، فقد تكرر فيه من أسماء الكتب ذِكر المدونة، والواضحة، والعتبية، والنوادر، والرسالة، والعارضة، وقواعد عياض، والبيان والتحصيل، والمقدمات، والطراز، والذخيرة، والجواهر، والتوضيح، وشرح ابن الفاكهاني للرسالة، وشرح القلشاني لها، ومن أسماء أعلام الفقهاء والعلماء غير أصحاب الكتب المذكورة: ابن عبدالحكم، وابن شعبان، واللخمي، وابن عطاء الله، والباجي، وأبو الفرج المالكي، وابن القابسي، وابن القصار، وابن لبابة، وابن هارون، وابن عبدالسلام، وغير هؤلاء كثير، ونثر الشارح أيضا فوائد مستحسنة استقاها من شيوخه. وبهذه المزايا يمكن اعتبار هذا الشرح بياناً مختصراً جامعاً شاملاً لأحكام قواعد الإسلام الخمس.
ومما يظهر قيمته اعتماد بعض العلماء عليه، واقتباسهم منه، منهم: أبو عبدالله الحطاب (تـ953هـ) في كتابه مواهب الجليل.
ـــــــــ
مواد للتحميل :
/ عدد الأوراق: .7 ورقة / المصدر: موقع مخطوطات الأزهر مصر / التحميل / صور مفردة / رابط1 / رابط2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق